السيارات الكهربائية تقود مستقبل التنقل بحلول بيئية

الدوحة ــ سيارات الشرق

تواصل العديد من الدول وضع سياسات جديدة لزيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية، وتوجهت العديدمن كبريات شركات السيارات في العالم إلى تخصيص نسبة من إنتاجها لهذه السوق الواعدة بنماذج مختلفة.

ومع انطلاق 2023 تواصل معظم الدول المتقدمة تعزيز الاعتماد على السيارات الكهربائية، ووضعت أهدافًا طموحة لزيادة حصتها في السوق المحلية، وتجاوزت هذه الأهداف الطموحات التي حُدّدت، ما يؤكّد أن المعادلة تغيّرت تمامًا، وأن السيارات الكهربائية أصبحت تشكّل أهمية كبرى في النقل المستدام.

ويُعدّ قطاع النقل من أكثر القطاعات المستهلكة للطاقة -نحو ثلث استهلاك الطاقة في العالم- كما يتسبّب في انبعاثات الغازات الكربونية وغازات الدفيئة عالميًا.

ومن المتوقع أن يصل عدد السيارات التي تسير في الطرق بحلول عام 2030 إلى ملياري سيارة، وتخطّط بعض الدول للاعتماد على السيارات الكهربائية بالكامل في عام 2035، فيما اتخذت دول أخرى قرارًا بحظر بيع السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري في عام 2030.

التوسع في نشر السيارات الكهربائية

وفقًا لتقديرات شبكة سياسات الطاقة المتجددة -التي ترصد جهود الدول والمنظمات في التحول إلى الطاقة النظيفة- فإن هناك أكثر من 4 ملايين سيارة كهربائية تسير -حاليًا- في طرق العالم، وتُعدّ الصين والنرويج وهولندا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة واليابان الأكثر استخدامًا للسيارات الكهربائية.

وتستهدف دولة النرويج الاعتماد الكامل على السيارات الكهربائية بحلول عام 2025، وتخطّط لحظر مبيعات السيارات التقليدية في العام نفسه.

وقررت عدة ولايات في أميركا حظر بيع السيارات التقليدية في عام 2035، فيما أعلنت فرنسا اتخاذ القرار نفسه بحلول عام 2040.

وتُشير التوقعات إلى إمكان وصول مبيعات السيارات الكهربائية إلى 20% من السوق العالمية في عام 2030.

وفي الصين تتوقع تواصل الخطة الصناعية الطموحة أنه بحلول العام 2035 سوف تصبح السيارات الكهربائية عماد المبيعات الجديدة للسيارات، فيما تصبح جميع السيارات والمركبات المستخدمة في النقل العام كهربائية الطاقة.

أنواع السيارات الكهربائية

توجد 3 أنواع من السيارات الكهربائية حاليًا :

1) وتتضمن الكهربائية الهجينة أو ما يُطلق عليها “هايبرد”، وهي التي تمتلك منظومة من محركين، أحدهما كهربائي، والآخر محرك احتراق داخلي اعتيادي، وتُشحَن البطاريات بواسطة منظومة الفرملة التي تحوّل محرك السيارة إلى مولد كهربائي في أثناء ضغط الفرامل، بما يتيح إنتاج الطاقة الكهربائية لشحن البطاريات، وتوجد منظومة فرملة احتكاكية عادية احتياطية تعمل إذا تعطّلت المنظومة المذكورة.

2) أما النوع الثاني فهو السيارات الكهربائية الهجينة ذات قابس الشحن، وهذه السيارات لديها أيضًا منظومة من محركين، أحدهما كهربائي والآخر محرك احتراق داخلي اعتيادي، وتُشحن البطاريات عن طريق مصدر الشحن الخارجي، فضلًا عن منظومة

الفرامل لشحن البطاريات، وتنتج كبريات شركات العالم -مثل تويوتا وهوندا وميتسوبيشي- نماذج متنوعة من هذه السيارات.

ومن الممكن أن تُوصّل المحركات على التوالي، وأن يغذّي المحرك التقليدي مولدًا يغذي بدوره المحرك الكهربائي والبطارية، وبالتالي تكون منظومة حركة السيارة معتمدة على المحرك الكهربائي والبطارية ذات الحجم الكبير غالبًا، ومن ثم فإن التكلفة هنا تكون أعلى.

كما يمكن التوصيل على التوازي، إذ تُوزّع الطاقة المحركة للسيارات بين المحركين، ويمكن كذلك لأي منهما أن يحرك السيارة، ويكونان بحجم أصغر من أن يحتوي على خاصية التوصيل على التوالي، وهي خاصية مستخدمة أكثر في السيارات الصغيرة.

3) النوع الثالث هو السيارات الكهربائية ذات البطارية، وهو يستمد طاقته فقط من الكهرباء، أي أنها سيارات كهربائية بالكامل، وتُشحن البطاريات فيها عن طريق توصيل الكهرباء من مصدر خارجي عبر نقاط شحن.

وقد ازدادت أهمية هذا النوع مع التطور الملحوظ في تقنيات البطاريات وانخفاض الأسعار الملحوظ، ولعل من أشهر منتجي السيارات من هذا النوع تيسلا ونيسان وBYD الصينية.

وتتكوّن عادة من مكونات رئيسة هي البطاريات ونظم التحويل والتحكم الكهربائية وقابس الشحن والمحرك وأنظمة نقل الحركة الميكانيكية.

كما أن لديها كثافة عالية للطاقة، وتوفرها لمدة أطول، ومن أنواعها الأكثر شيوعًا: بطاريات أيونات الليثيوم وبطاريات حمض الرصاص وبطاريات هيدريد النيكل. ومع ذلك فإن معظم السيارات الكهربائية الحديثة تستخدم بطاريات أيونات الليثيوم.

مزايا السيارة الكهربائية

للسيارة الكهربائية ميزة نسبية من ناحية كفاءة الأداء مقارنة بسيارات محركات الاحتراق الداخلي، إذ تتراوح كفاءة المحركات الكهربية لتحويل الطاقة الكهربية بين 80 و90%، وكفاءة البطاريات قرابة 90%، وكفاءة الشاحن تصل إلى 95%، وكذلك محولات (مبدلات) التيار، مع تأثير محدود للغاية لمنظومة نقل الحركة، بما يجعل الكفاءة الكلية من نقطة الشحن إلى الإطارات ما بين 65 و77%، وذلك مقارنة بكفاءة كلية من الشاحن إلى العجلات.

ونظرًا إلى انخفاض كفاءة محطات إنتاج الكهرباء ونقلها، فإن الكفاءة الكلية للسيارات الكهربائية تنخفض وتتراوح بين 22 و30%، فيما تكون السيارات العادية بين 9 و23%. ولا ينظر المستهلك المباشر إلى هذا الأمر، ولكنه يلفت انتباه المتخصصين، لا سيما أن المستهلك المباشر ينظر إلى مقارنة كفاءة الأداء من الشاحن إلى الإطارات.

سيارة كهربائية خلال عملية الشحن

دعم السيارات الكهربائية وحوافزها

في الدول التي تهدف إلى كهربة قطاع النقل والمواصلات، توجد طرق مختلفة ينتهجها صناع القرار لتشجيع إطلاق السيارات الكهربائية ودعم تطويرها.

وتُعدّ النرويج -على سبيل المثال- واحدة من أكثر الدول التي وضعت أهدافًا صارمة للسيارات الكهربائية، وبلغت مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة فيها نحو 40% من إجمالي السيارات.

وتخطط لحظر تام لبيع السيارات المستخدمة التي تعمل بالسولار بحلول عام 2025.

تحديات التوسع في السيارات الكهربائية

هناك بعض التحديات الواجب معالجتها لزيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية، ويأتي على رأس هذه التحديات: ضعف البنية الأساسية خاصة مع قلة وجود أماكن إعادة شحن بطاريات السيارات، نتيجة لعدم التطور الكافي للسيارات وانتشارها بشكل يوازي السيارات العادية، ما يحتاج إلى جهد ووقت ومال للتوسع في إنشاء محطات لشحن السيارات

ومن الضروري تطوير البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية، إذ تُتاح على مسافات مناسبة في الطرق وبخاصة الطرق السريعة، وبالقرب من محطات وسائل النقل العام، مع تطوير نظم الدفع والمحاسبة لتعتمد على النظم الذكية، بما سيحسن من أداء عمليات شحن السيارات الكهربائية بدرجة عالية ويزيد ثقة المستهلكين.

أما التحدي الآخر فهو محدودية السرعة والنطاق، إذ لا تصلح معظم النماذج المتاحة للرحلات الطويلة وتحتاج إلى إعادة شحنها، فمعظم هذه السيارات تستطيع قطع مسافة تتراوح بين 200 و400 كيلومتر، وتحتاج إلى إعادة الشحن مرة أخرى.

الآثار الاقتصادية والاجتماعية

يُسهم تشجيع السيارات الكهربائية على المزيد من التنمية الاقتصادية من خلال خفض الإنفاق على الطاقة، ومن المنتظر أن يؤدي التحول نحو السيارات الكهربائية إلى انخفاض كبير في استهلاك الوقود.

ويمثّل استهلاك السيارات للوقود قرابة 60% من استهلاك النفط العالمي، وهذا الرقم يختلف من بلد إلى آخر، وهذا الانخفاض في معدل استهلاك الوقود سيعني بالنسبة إلى الدول المستوردة تقليل الاعتماد على النفط الأجنبي، وتوفير كبير في الأموال للحكومات، وبالتالي توفير المزيد من الدخل القابل للإيداع، بما يسمح للمستهلكين النهائيين بمزيد من الإنفاق على منتجات وخدمات محلية أخرى.

أما بالنسبة إلى الدول الغنية بالنفط فإن خفض استهلاك النفط سيساعد هذه الحكومات على تصدير إنتاجها بدلًا من استهلاكه داخليًا بأسعار مدعومة.

نمو متوقع في فرص العمل

يتطلّب تصنيع السيارات الكهربائية قوة عمل أقل من السيارات العادية. وقد قدرت دولة مثل ألمانيا أن التخلص التدريجي من محركات الاحتراق يمكن أن يكلف وفرًا بنحو 600 ألف وظيفة، ولكن رغم ذلك فقد أكدت العديد من الدراسات أن نمو الوظائف في صناعة السيارات الكهربائية سوف يفوق أي انخفاض في الوظائف بصناعات السيارات العادية.

كما تُحقق العديد من الدول دخلًا إضافيًا بفرض ضرائب على استخدام الوقود التقليدي. وعلى سبيل المثال، في بريطانيا، مثلت رسوم الوقود قرابة 27.9 مليار جنيه إسترليني (1.4% من الدخل القومي).

ومع التوسع في السيارات الكهربائية، من المتوقع انخفاض عائدات تلك الضرائب، وبالتالي فإن الحكومات التي تعتمد على جزء من ميزانيتها على هذا التدفق سوف تتحول إلى مصادر تعويضية مثل تسعير الطرق، وذلك بفرض رسوم لكل كيلومتر من الرحلة أو فرض ضريبة على السير في الطرق المزدحمة لتقليل الازدحام.

تقليص الانبعاثات الكربونية

هناك العديد من المخاوف البيئية، وهي التي وضعت في الأساس للاعتماد السريع على التكنولوجيا الخضراء، فالسيارات الكهربائية ليست استثناء، وقد تبدو الكفة أرجح للسيارات الهجينة والسيارات الكهربائية على نظيرتهما (السيارات التقليدية)، ولكن هذا ليس صحيحًا تمامًا، فالسيارات الكهربائية لا تُعد خضراء بالكامل كما يظن العديد من الناس.

وتصدر صناعة السيارات الكهربية غازات الدفيئة، إلا أنها تصدر أقل بكثير من انبعاثات العوادم عند التشغيل.

كما أنها تعتمد على الكهرباء التي ربما هي نفسها تكون من مصدر غير نظيف مثل محطات الفحم القديمة، ولكنها -بوجه عام- أقل ضررًا بيئيًا، وبخاصة إذا كانت الطاقة الكهربائية المشحونة بها من مصادر الطاقة المتجددة

Comments

  • No comments yet.
  • Add a comment